السلام عليكم يا ورود المنتدى هذه قصه فتاة قرأتها ...مؤثرة
جداً...وحبيت أنقلها لكم … أترككم مع القصة…..
كان يوماً صيفياً حاراً.. وريح السموم على أشدها في الرياض…. فتحت جود نافذة الغرفة....
- أفف "اختنقنا"من المكيف....
قفزت بسرعة لأغلق النافذة …
- هيييييييييييييييييييه ماذا تريدين أن تفعلي.. هل جننت؟؟ تفتحين النافذة في هذا الحر؟
سكتت ومطت شفتيها ثم رمت بنفسها على السرير بتثاقل...
أفففففف... ملل.. ماكنها عطلة.. الناس مسافرة ومستانسة .. وإحنا .. هنا ..طفش..
كنت على وشك أن أتكلم.. لكني أثرت الصمت وأنا أقلب الكتاب الشيق الذي بين يدي..
أخذت تتقلب في ملل.. ثم قفزت فجأة..
- فطوم مارأيك أن نذهب لبيت عمي لنملأ المسبح ونسبح مع البنات؟؟ مارأيك؟؟
مددت شفتي للأمام.. فلم تكن الفكرة تعجبني..
- كلا..لاأحب.. تعرفين..بيتهم مليان شباب.. ولا أضمن أن لا يتلصصون علينا..
- أففففف.. أنت معقدة....
نظرت إليها بهدوء وقلت وأنا ابتسم...
- حبيبتي كم مرة قلت "أفففففففف" منذ أن دخلت الغرفة؟؟؟
-أفففففففف.. حتى الـ"أففففف" صارت محبوسة علينا؟؟
وخرجت غاضبة من الغرفة...
كانت جود أصغر فرد في عائلتنا... ورغم أن فارق السنوات بيننا لايتجاوز الست سنوات إلا أن الفارق في الشخصية كبير جداً.. والفجوة بننا واسعة......
منذ فتحنا أعيننا على الدنيا ونحن نرى أسرتنا مثالاً للأسرة الصالحة المحافظة ولله الحمد...
أمي إنسانة تخاف الله وربتنا منذ طفولتنا على الأخلاق الفاضلة.. وكذلك أبي.. فرغم انشغاله إلا أن تربيته الصارمة والمحبة في نفس الوقت كان لها أثر كبير على استقامتنا ولله الحمد...
لكن الحال مع جود كان مختلفاً فلكونها آخر العنقود كان والداي يدللانها ويعاملانها معاملة خاصة جداً.....
فهي الوحيدة التي كان لها الحق في السهر لساعات متأخرة حتى أوقات المدارس.. كما أنها استطاعت ببكائها وشكواها المستمرة أن تقنعهما بإدخالها مدرسة خاصة.. وحتى لباسها للأسف.. كانت أمي تنصاع لها وتسمح لها بارتداء مالم يكن يسمح به لنا...
غضبنا أنا وأخواتي واعترضنا كثيراً .. لكن دون جدوى للأسف.. فقد بدا واضحاً حجم الاختلاف الكبير بيننا .. ففي الوقت الذي نستمتع فيه بسماع أشرطة المحاضرات كانت جود لا تستطيع المذاكرة إلا مع سماع الأغاني..
وما يحرق فؤادي هو رضا أمي عنها وعدم معارضتها لها.. حتى والدي كان دائماً يعتبرها طفلة مسكينة وبريئة....
والحقيقة أن جود كانت بالفعل قادرة على الاستحواذ على قليبهما.. فهي دائمة الالتصاق بهما.. وتخدمهما بشكل متواصل..وتدللهما في الكلام..وتشتري لهما الهدايا..كانت ماكرة ..أو حنونة .. جداً....
حاولت كثيراً أن أنصحها..أن أوجهها..لكني يأست منها..فقد كانت دائماً تصد عني ..وتعتبرني"عقدة" ..
ولا تريدني أن أنصحها بأي كلمة....
وذات يوم طلبت جود من أمي أن تذهب لمدينة الألعاب بصحبة صديقاتها..وأخذت تلح عدة أيام حتى وافقت أمي .. وحين علمتُ بذلك عارضت كثيراً..
- أمي كيف تسمحين لها..ستذهب مع فتيات لا تعرفين أخلاقهن..أرجوك..كيف تسمحين لها؟؟
لكن أمي كانت تهدئني.. وتقول أن الأمر عادي.. والمكان نسائي..
- لكن ياأمي ..هي لاتزال في المرحلة المتوسطة كيف تذهب لوحدها؟
- اذكري الله ياابنتي.. لاتكوني هكذا..الأمر بسيط كل البنات يذهبن لوحدهن..
- أمي أنا رأيت صديقاتها حين ذهبت لمدرستها ذات يوم..والله ياأمي لو رأيتهن لما ارتحت لمنظرهن..حتى العباءة لايعترفن بها..بل يخرجن شبه كاشفات مع سائقيهن..كيف تتركينها تخرج معهن..
- ومادخلها بهن..؟ فاطمة .. خلاص انهي الموضوع..."كلها"ساعتين وسوف ترجع بإذن الله.. لم القلق؟؟ حاولت وحاولت.. لكن عبثاً
فاستسلمت ..وسكت على مضض وقلبي يشتعل من الألم..لأني بدأت أشعر أن أختي ستضيع من بين يدي إن استمر هذا التهاون..إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب..
وذهبت.. وهي تضرب الأرض بكعبها وتحدجني بنظرة كلها تحدي وانتصار..وذهبت وهي ترتدي تلك التنورة الجينز القصيرة ذات الحزام المعدني المتدلي..والماكياج يملأ وجهها الطفولي .. حشرت نفسها في عباءتها الضيقة وخرجت تتمايل...
0000000000000000000000
كنا جالسين نتناول عشائنا الخفيف المفضل الخبز واللبن ..حين نظرت أمي للساعة ..
- غريبة ...الساعة التاسعو والنصف وجود لم ترجع.. التفت والدي نحوها وقال:
- لماذا ؟..متى قالت أنها ستعود؟
- قالت قبل العشاء.. يعني في الثامنة تقريباً..
- اتركيها فربما استمتعت باللعب أمثر..
كنت أنظر لهم وأنا صامتة تماماً..فقد قررت أن لاأسأل عنها ولا أتدخل بها أبداً...
صمت والدي قليلاً ثم سأل...
- مع من قالت أنها سترجع..؟
- تقول أنها ستعود مع صديقتها ..لديها سائق.. شعرت بأن والدي بدا يشعر بأن هناك خللاً في الموضوع..
- الله يهديك ياأم عبد الله..لماذا لم تقولي لي من قبل... كيف ترضين أن تعود مع سائق لوحدها.. وهي لازال فتاة صغيرة ....
لاأدري كيف أقنعتني أصلحها الله....
مضت عقارب الساعة بسرعة مخيفة نحو العاشرة..ثم الحادية عشر وجود لم تعد......
بدأ القلق يتسرب لبيتنا بشكل مخيف....... وبدأ أبي يصرخ....
- كيف تتركينها تذهب دون أن تأخذي منها رقم جوال صديقتها..رقم أهل صديقتها..أو على الأقل اسمها...؟؟ وكادت أني تبكي وهي تقول.. – لماذا لم تسألها أنت ..؟ مادخي..؟ لاتصرخ علي..؟ يكفيني مابي الآن.. أتى أخوتي كلهم..حتى أخي عبد الله المتزوج تم استدعاؤه من بيته...
ذهبوا لمدينة الألعاب فوجدوها قد أغلقت أبوابها..جن جنون أبي وارتفع السكر وانهار..ونقل للمستشفى.. الكل كان يبحث دون جدوى ....
وعند الساعة الواحدة ليلاً.. قام أخي بإبلاغ الشرطة.. لكننا لم نكن نملك خيطاً واحداً يدلنا عليها..
لاسم صديقتها..لاجوال..لارقم سيارة..ولاأي شيء..فكيف نعرف أين تكون؟ وماذا يفعل الشرطة لنا.؟؟
بقينا كلنا في البيت نبكي ونصلي وندعو الله ... ولا نعرف ماذا نفعل..جود مختفية وأبي في المستشفى.. وعند الساعة الرابعة فجراً..فوجئنا برقم غريب يتصل على جوال أخي عبد الله..
وحين رد..كانت الطامة الكبرى التي لم نتوقعها...
كان أحد الأخوة من الهيئة يتصل بأخي ليبلغه بأن أختي قد وجدت مع شاب في سيارة لوحدهما ليلة أمس وقد انهارت وأغمي عليها من شدة الصدمة ولم تفق إلا قبل قليل لتعطيهم الرقم...
حين أغلق أخي الخط..جلس على الأرض ولف وجهه بشماغه وأخذ يبكي..
صرخت أمي.. – ماذا؟.. تكلم؟ وجدوها ميتة في المستشفى؟ حادث ؟ تكلم ...تكلم...
ومن بين الشهقات أجاب وصوته الرجولي يهتز بقوة مؤلمة.. ولحيته مخضلة بالدموع....
-ياليت يايمه ....ياليت .......
كنت أعرف ماذا قالوا له... كنت أشعر به .. قبل أن يخبرني به.. لكني سكت..
أسرعت أمسك أمي وأذكرها بالله.. وهي تنتفض بقوة بين يدي...
أسرعت أغسل وجهها فيختلط الماء بالدموع...
وبعد قليل ...ذهب عبد الله ليستلمها.. بعد أن أقسمت عليه أمي أغلظ الأيمان أن لايقتلها.... بعد سويعات....... دخلت ..وجهها شاحب كالموت..وقد تركت الدموع خيوطاً على وجنتيها..
كانت ترتجف..حين رأتنا أسرعت ترمي نفسها عند قدمي أمي..
- يمه سامحيني..والله ماسويت شي..والله العظيم..والله..
رفستها أمي برجلها بقوة..وصرخت فيها بقوة..
- اذهبي لغرفتك..اذهبي لاأريد أن أرى وجهك يا"....."..أبوك يحتضر في المستشفى بسببك..ليتك مت ولم نرى فيك هذا اليوم ياخائنة الأمانة.................... كنا جميعاً نشعر بتقزز غريب منها..لانريد أن نكلمها أو حتى نرى وجهها أو نشم رائحتها...
وفي الغد أخذتها أمي كشيء مكروه لتقوم بعمل تحليل حمل لها.. وهي تبكي وتصيح..وتقسم بأنها لم تفعل شيئاً ..لكن أمي كانت تريد إذلالها فقط وأن تشعر بدناءة فعلها الشنيع ونظرتها لها.....
بقي أبي في المستشفى أياماً وحالته غي مستقرة....لذا لم نخبره بأمرها بل قلنا له أن حادثاً قد حصل لها..لكنه عرف..عرف ذلك من وجوهنا الملطخة بالعار.. ومن بكائنا الذي يحمل رائحة القلوب المجروحة........
وحين استعاد صحته وخرج..تأكد تماماً من ذلك حين شاهد كيف نعاملها..وكيف أصبحت شبه محبوسه في غرفتها..فلم يعد هو الآخر يحدثها بحرف واحد....
كنت أشاهد أشياء كبيرة في أبي وقد تحطمت....كبرياؤه...رجولته...فخره بأبنائه...
لم يعد يخرج..ولايجتمع مع الآخرين..أصبح يفضل الجلوس مع أمي صامتاً على الخروج لأي مكان...
حزن كبير كان يسود بيتنا....حتى أخواتي المتزوجات لم يعدن يزرننا كثيراً..وكأنهن يخشين من مواجهة الحزن والكآبة..
وذات يوم ................
أحسست أن علي أن أفعل شيئاً..أن أرفع هذا الحزن المقيت ..وأن أصلح شيئاً دخلت غرفتها بهدوء..وحدتها صامتة على سريرها...جلست بقربها..نظرت إليها...
- - أول مرة... هل تسمحين لي أن أسألك..................
لماذا؟؟؟
سكتت طويلاً .....
وحين رأت إصراري بالنظر إليها ابتسمت بحزن هازئة...
- كنت اعتقد أنه يحبني...
- ثـــم؟؟؟
- حين بدأ رجال الهيئة بملاحقة السيارة فوجئت به يقف بسرعة ويصرخ بي كي أنزل بل أخذ يدفعني بقوة.. ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أقف في منتصف الشارع لوحدي وقد هرب وتركني ....النذل.....
- هل سبق وخرجت معه من قبل؟؟؟
- مرة واحدة فقط...أخذني من المدرسة وتغدينا ثم أعادني...
نظرت إليها طويلاً ثم قلت.............
- .. وما شعورك الآن ؟؟؟
- شعوري ؟؟ ....أكرهه.. وأكره نفسي....
وفجأة.. أخذت تبكي بحرقة وتشهق.. حتى أثارت حزني..اقتربت.. وضممتها لأول مرة منذ شهرين.. ومسحت على شعرها الخفيف الذي تساقط أكثر من فترة... شعرت بعطف عليها..ضممتها وأخذت أبكي معها
- لاتكرهي نفسك ياحبيبتي..لاتكرهيها...باب التوبة مفتوح...
اهتزت بين يدي كحمامة صغيرة وهي تبكي......
- لكنكم تكرهوني..خلاص ..لاتريدوني...لاأحد يريدني حتى لو تبت...
أمسكت رأسها ورفعته فشاهدت في عينها جود الطفلة الصغيرة ...
- كلنا سنحبك..وسننتظرك...فقط انسي الماضي...وابدئي من جديد.... ثم تابعتُ بهدوء.......
- أنا لاأريدك أن تنسي الماضي من أجلنا..كلا..أريدك أن تنسيه من أجلك أنت..أن تفتحي صفحة بيضاء جديدة مع ربك ...إنها علاقتك به..أصلحي مابينك وبينه..وسيصلح كل شيء بينك وبنت الآخرين..
ابتسمت لها.....
- من قال ذلك؟؟ لاشيء ينتهي طالما باب الكريم الرحمن مفتوح...فقط مدي يديك إليه.. وسترين كرمه ورحمته.... نظرت إلي لأول مرة في حياتها بتأثر.. ثم ابتسمت وعيناها لاتزالان غارقتان بالدموع...
أتمنى أن القصة أعجبتكم.......... تحياتي للجميع
جداً...وحبيت أنقلها لكم … أترككم مع القصة…..
كان يوماً صيفياً حاراً.. وريح السموم على أشدها في الرياض…. فتحت جود نافذة الغرفة....
- أفف "اختنقنا"من المكيف....
قفزت بسرعة لأغلق النافذة …
- هيييييييييييييييييييه ماذا تريدين أن تفعلي.. هل جننت؟؟ تفتحين النافذة في هذا الحر؟
سكتت ومطت شفتيها ثم رمت بنفسها على السرير بتثاقل...
أفففففف... ملل.. ماكنها عطلة.. الناس مسافرة ومستانسة .. وإحنا .. هنا ..طفش..
كنت على وشك أن أتكلم.. لكني أثرت الصمت وأنا أقلب الكتاب الشيق الذي بين يدي..
أخذت تتقلب في ملل.. ثم قفزت فجأة..
- فطوم مارأيك أن نذهب لبيت عمي لنملأ المسبح ونسبح مع البنات؟؟ مارأيك؟؟
مددت شفتي للأمام.. فلم تكن الفكرة تعجبني..
- كلا..لاأحب.. تعرفين..بيتهم مليان شباب.. ولا أضمن أن لا يتلصصون علينا..
- أففففف.. أنت معقدة....
نظرت إليها بهدوء وقلت وأنا ابتسم...
- حبيبتي كم مرة قلت "أفففففففف" منذ أن دخلت الغرفة؟؟؟
-أفففففففف.. حتى الـ"أففففف" صارت محبوسة علينا؟؟
وخرجت غاضبة من الغرفة...
كانت جود أصغر فرد في عائلتنا... ورغم أن فارق السنوات بيننا لايتجاوز الست سنوات إلا أن الفارق في الشخصية كبير جداً.. والفجوة بننا واسعة......
منذ فتحنا أعيننا على الدنيا ونحن نرى أسرتنا مثالاً للأسرة الصالحة المحافظة ولله الحمد...
أمي إنسانة تخاف الله وربتنا منذ طفولتنا على الأخلاق الفاضلة.. وكذلك أبي.. فرغم انشغاله إلا أن تربيته الصارمة والمحبة في نفس الوقت كان لها أثر كبير على استقامتنا ولله الحمد...
لكن الحال مع جود كان مختلفاً فلكونها آخر العنقود كان والداي يدللانها ويعاملانها معاملة خاصة جداً.....
فهي الوحيدة التي كان لها الحق في السهر لساعات متأخرة حتى أوقات المدارس.. كما أنها استطاعت ببكائها وشكواها المستمرة أن تقنعهما بإدخالها مدرسة خاصة.. وحتى لباسها للأسف.. كانت أمي تنصاع لها وتسمح لها بارتداء مالم يكن يسمح به لنا...
غضبنا أنا وأخواتي واعترضنا كثيراً .. لكن دون جدوى للأسف.. فقد بدا واضحاً حجم الاختلاف الكبير بيننا .. ففي الوقت الذي نستمتع فيه بسماع أشرطة المحاضرات كانت جود لا تستطيع المذاكرة إلا مع سماع الأغاني..
وما يحرق فؤادي هو رضا أمي عنها وعدم معارضتها لها.. حتى والدي كان دائماً يعتبرها طفلة مسكينة وبريئة....
والحقيقة أن جود كانت بالفعل قادرة على الاستحواذ على قليبهما.. فهي دائمة الالتصاق بهما.. وتخدمهما بشكل متواصل..وتدللهما في الكلام..وتشتري لهما الهدايا..كانت ماكرة ..أو حنونة .. جداً....
حاولت كثيراً أن أنصحها..أن أوجهها..لكني يأست منها..فقد كانت دائماً تصد عني ..وتعتبرني"عقدة" ..
ولا تريدني أن أنصحها بأي كلمة....
وذات يوم طلبت جود من أمي أن تذهب لمدينة الألعاب بصحبة صديقاتها..وأخذت تلح عدة أيام حتى وافقت أمي .. وحين علمتُ بذلك عارضت كثيراً..
- أمي كيف تسمحين لها..ستذهب مع فتيات لا تعرفين أخلاقهن..أرجوك..كيف تسمحين لها؟؟
لكن أمي كانت تهدئني.. وتقول أن الأمر عادي.. والمكان نسائي..
- لكن ياأمي ..هي لاتزال في المرحلة المتوسطة كيف تذهب لوحدها؟
- اذكري الله ياابنتي.. لاتكوني هكذا..الأمر بسيط كل البنات يذهبن لوحدهن..
- أمي أنا رأيت صديقاتها حين ذهبت لمدرستها ذات يوم..والله ياأمي لو رأيتهن لما ارتحت لمنظرهن..حتى العباءة لايعترفن بها..بل يخرجن شبه كاشفات مع سائقيهن..كيف تتركينها تخرج معهن..
- ومادخلها بهن..؟ فاطمة .. خلاص انهي الموضوع..."كلها"ساعتين وسوف ترجع بإذن الله.. لم القلق؟؟ حاولت وحاولت.. لكن عبثاً
فاستسلمت ..وسكت على مضض وقلبي يشتعل من الألم..لأني بدأت أشعر أن أختي ستضيع من بين يدي إن استمر هذا التهاون..إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب..
وذهبت.. وهي تضرب الأرض بكعبها وتحدجني بنظرة كلها تحدي وانتصار..وذهبت وهي ترتدي تلك التنورة الجينز القصيرة ذات الحزام المعدني المتدلي..والماكياج يملأ وجهها الطفولي .. حشرت نفسها في عباءتها الضيقة وخرجت تتمايل...
0000000000000000000000
كنا جالسين نتناول عشائنا الخفيف المفضل الخبز واللبن ..حين نظرت أمي للساعة ..
- غريبة ...الساعة التاسعو والنصف وجود لم ترجع.. التفت والدي نحوها وقال:
- لماذا ؟..متى قالت أنها ستعود؟
- قالت قبل العشاء.. يعني في الثامنة تقريباً..
- اتركيها فربما استمتعت باللعب أمثر..
كنت أنظر لهم وأنا صامتة تماماً..فقد قررت أن لاأسأل عنها ولا أتدخل بها أبداً...
صمت والدي قليلاً ثم سأل...
- مع من قالت أنها سترجع..؟
- تقول أنها ستعود مع صديقتها ..لديها سائق.. شعرت بأن والدي بدا يشعر بأن هناك خللاً في الموضوع..
- الله يهديك ياأم عبد الله..لماذا لم تقولي لي من قبل... كيف ترضين أن تعود مع سائق لوحدها.. وهي لازال فتاة صغيرة ....
لاأدري كيف أقنعتني أصلحها الله....
مضت عقارب الساعة بسرعة مخيفة نحو العاشرة..ثم الحادية عشر وجود لم تعد......
بدأ القلق يتسرب لبيتنا بشكل مخيف....... وبدأ أبي يصرخ....
- كيف تتركينها تذهب دون أن تأخذي منها رقم جوال صديقتها..رقم أهل صديقتها..أو على الأقل اسمها...؟؟ وكادت أني تبكي وهي تقول.. – لماذا لم تسألها أنت ..؟ مادخي..؟ لاتصرخ علي..؟ يكفيني مابي الآن.. أتى أخوتي كلهم..حتى أخي عبد الله المتزوج تم استدعاؤه من بيته...
ذهبوا لمدينة الألعاب فوجدوها قد أغلقت أبوابها..جن جنون أبي وارتفع السكر وانهار..ونقل للمستشفى.. الكل كان يبحث دون جدوى ....
وعند الساعة الواحدة ليلاً.. قام أخي بإبلاغ الشرطة.. لكننا لم نكن نملك خيطاً واحداً يدلنا عليها..
لاسم صديقتها..لاجوال..لارقم سيارة..ولاأي شيء..فكيف نعرف أين تكون؟ وماذا يفعل الشرطة لنا.؟؟
بقينا كلنا في البيت نبكي ونصلي وندعو الله ... ولا نعرف ماذا نفعل..جود مختفية وأبي في المستشفى.. وعند الساعة الرابعة فجراً..فوجئنا برقم غريب يتصل على جوال أخي عبد الله..
وحين رد..كانت الطامة الكبرى التي لم نتوقعها...
كان أحد الأخوة من الهيئة يتصل بأخي ليبلغه بأن أختي قد وجدت مع شاب في سيارة لوحدهما ليلة أمس وقد انهارت وأغمي عليها من شدة الصدمة ولم تفق إلا قبل قليل لتعطيهم الرقم...
حين أغلق أخي الخط..جلس على الأرض ولف وجهه بشماغه وأخذ يبكي..
صرخت أمي.. – ماذا؟.. تكلم؟ وجدوها ميتة في المستشفى؟ حادث ؟ تكلم ...تكلم...
ومن بين الشهقات أجاب وصوته الرجولي يهتز بقوة مؤلمة.. ولحيته مخضلة بالدموع....
-ياليت يايمه ....ياليت .......
كنت أعرف ماذا قالوا له... كنت أشعر به .. قبل أن يخبرني به.. لكني سكت..
أسرعت أمسك أمي وأذكرها بالله.. وهي تنتفض بقوة بين يدي...
أسرعت أغسل وجهها فيختلط الماء بالدموع...
وبعد قليل ...ذهب عبد الله ليستلمها.. بعد أن أقسمت عليه أمي أغلظ الأيمان أن لايقتلها.... بعد سويعات....... دخلت ..وجهها شاحب كالموت..وقد تركت الدموع خيوطاً على وجنتيها..
كانت ترتجف..حين رأتنا أسرعت ترمي نفسها عند قدمي أمي..
- يمه سامحيني..والله ماسويت شي..والله العظيم..والله..
رفستها أمي برجلها بقوة..وصرخت فيها بقوة..
- اذهبي لغرفتك..اذهبي لاأريد أن أرى وجهك يا"....."..أبوك يحتضر في المستشفى بسببك..ليتك مت ولم نرى فيك هذا اليوم ياخائنة الأمانة.................... كنا جميعاً نشعر بتقزز غريب منها..لانريد أن نكلمها أو حتى نرى وجهها أو نشم رائحتها...
وفي الغد أخذتها أمي كشيء مكروه لتقوم بعمل تحليل حمل لها.. وهي تبكي وتصيح..وتقسم بأنها لم تفعل شيئاً ..لكن أمي كانت تريد إذلالها فقط وأن تشعر بدناءة فعلها الشنيع ونظرتها لها.....
بقي أبي في المستشفى أياماً وحالته غي مستقرة....لذا لم نخبره بأمرها بل قلنا له أن حادثاً قد حصل لها..لكنه عرف..عرف ذلك من وجوهنا الملطخة بالعار.. ومن بكائنا الذي يحمل رائحة القلوب المجروحة........
وحين استعاد صحته وخرج..تأكد تماماً من ذلك حين شاهد كيف نعاملها..وكيف أصبحت شبه محبوسه في غرفتها..فلم يعد هو الآخر يحدثها بحرف واحد....
كنت أشاهد أشياء كبيرة في أبي وقد تحطمت....كبرياؤه...رجولته...فخره بأبنائه...
لم يعد يخرج..ولايجتمع مع الآخرين..أصبح يفضل الجلوس مع أمي صامتاً على الخروج لأي مكان...
حزن كبير كان يسود بيتنا....حتى أخواتي المتزوجات لم يعدن يزرننا كثيراً..وكأنهن يخشين من مواجهة الحزن والكآبة..
وذات يوم ................
أحسست أن علي أن أفعل شيئاً..أن أرفع هذا الحزن المقيت ..وأن أصلح شيئاً دخلت غرفتها بهدوء..وحدتها صامتة على سريرها...جلست بقربها..نظرت إليها...
- - أول مرة... هل تسمحين لي أن أسألك..................
لماذا؟؟؟
سكتت طويلاً .....
وحين رأت إصراري بالنظر إليها ابتسمت بحزن هازئة...
- كنت اعتقد أنه يحبني...
- ثـــم؟؟؟
- حين بدأ رجال الهيئة بملاحقة السيارة فوجئت به يقف بسرعة ويصرخ بي كي أنزل بل أخذ يدفعني بقوة.. ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أقف في منتصف الشارع لوحدي وقد هرب وتركني ....النذل.....
- هل سبق وخرجت معه من قبل؟؟؟
- مرة واحدة فقط...أخذني من المدرسة وتغدينا ثم أعادني...
نظرت إليها طويلاً ثم قلت.............
- .. وما شعورك الآن ؟؟؟
- شعوري ؟؟ ....أكرهه.. وأكره نفسي....
وفجأة.. أخذت تبكي بحرقة وتشهق.. حتى أثارت حزني..اقتربت.. وضممتها لأول مرة منذ شهرين.. ومسحت على شعرها الخفيف الذي تساقط أكثر من فترة... شعرت بعطف عليها..ضممتها وأخذت أبكي معها
- لاتكرهي نفسك ياحبيبتي..لاتكرهيها...باب التوبة مفتوح...
اهتزت بين يدي كحمامة صغيرة وهي تبكي......
- لكنكم تكرهوني..خلاص ..لاتريدوني...لاأحد يريدني حتى لو تبت...
أمسكت رأسها ورفعته فشاهدت في عينها جود الطفلة الصغيرة ...
- كلنا سنحبك..وسننتظرك...فقط انسي الماضي...وابدئي من جديد.... ثم تابعتُ بهدوء.......
- أنا لاأريدك أن تنسي الماضي من أجلنا..كلا..أريدك أن تنسيه من أجلك أنت..أن تفتحي صفحة بيضاء جديدة مع ربك ...إنها علاقتك به..أصلحي مابينك وبينه..وسيصلح كل شيء بينك وبنت الآخرين..
ابتسمت لها.....
- من قال ذلك؟؟ لاشيء ينتهي طالما باب الكريم الرحمن مفتوح...فقط مدي يديك إليه.. وسترين كرمه ورحمته.... نظرت إلي لأول مرة في حياتها بتأثر.. ثم ابتسمت وعيناها لاتزالان غارقتان بالدموع...
أتمنى أن القصة أعجبتكم.......... تحياتي للجميع